وجّهت الحكومة التركية سيلاً من الاتهامات للاتحاد الأوروبي على خلفية تمديده لتعليق المفاوضات مع تركيا بشأن عضويتها، ما ينذر بأزمةٍ جديدة بين أنقرة وبروكسل التي تراجعت العلاقات بينهما بالفعل طيلة السنوات الماضية على خلفية وجود خلافاتٍ كبيرة بين الجانبين في ملفاتٍ كثيرة، أبرزها يتعلق بالتنقيب عن الغاز قبالة جزرٍ يونانية وقبرصية في مناطقٍ متنازع عليها بين أنقرة وأثينا ونيقوسيا، علاوة على التدخل التركي في شؤون دول الجوار وملف حقوق الإنسان وقمع خصوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان داخل البلاد.
وفي التفاصيل، اتهمت أنقرة الاتحاد الأوروبي بـ"العمى الاستراتيجي" بعد أن قررت بروكسل تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي منتصف الأسبوع الحالي، وهو أمر يحصل للمرة الثانية، فقد علّق الاتحاد الأوروبي تلك المفاوضات في المرة الأولى بعد أشهرٍ من المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكم الرئيس أردوغان، والتي حصلت في منتصف شهر يوليو من العام 2016.
وقال حيدر تشاكماك، الأكاديمي التركي والخبير في العلاقات الدولية إن "تركيا طلبت رسمياً الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ سنواتٍ طويلة، لكن منذ ذلك الحين وإلى الآن، لم تقبل بروكسل عضويتها، كما لم تقم بإغلاق هذا الملف نهائياً. لقد بقي الأمر عالقاً بين كلا الجانبين".
وأضاف لـ"العربية.نت" أن "موقع تركيا الجغرافي يمنحها أهميةً كبيرة لدى الاتحاد الأوروبي، ولذلك هي عضو في حلف الناتو، إلا أن الاتحاد الأوروبي ينظر إليها كبلدٍ مسلم، وكل ما في الأمر أن هذه المفاوضات ساعدت بروكسل في منع أنقرة من التقرّب أكثر من روسيا والصين وإيران، وكذلك ضبطت هذه المفاوضات الحدود التركية مع أوروبا لاسيما فيما يتعلق بأزمة اللاجئين، ولذلك لا يرفض الاتحاد بالمطلق فكرة انضمام أنقرة إليه ولا يقبل بها أيضاً".
وتابع أن "هناك أسبابا أخرى رئيسية لعدم قبول عضوية أنقرة في الاتحاد ومن بينها انعدام الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان في الداخل التركي، وهي أيضاً أسباب أساسية في تعليق الاتحاد الأوروبي لمفاوضاته مع أنقرة للمرة الثانية، ومع ذلك لا تريد بروكسل الابتعاد عن أنقرة، فهي مهمة للاتحاد الأوروبي اقتصادياً وجغرافياً، خاصة أنه يمكن اعتبار تركيا كجزءٍ من الشرق الأوسط والقوقاز والبلقان وكبلدٍ يقع على البحرين الأبيض والأسود".
كما رجّح الأكاديمي التركي "عدم استمرار الاتحاد الأوروبي تعليق المفاوضات مع أنقرة بشأن عضويتها، فبروكسل تحتاج لتركيا لاسيما وأن بريطانيا تحاول تشكيل اتحادٍ رديف للاتحاد الأوروبي قد يضم الدول التي تبدي عن غضبها من الاتحاد الأوروبي ومن بينها تركيا، وهذا سبب آخر لاستئناف المفاوضات بين أنقرة وبروكسل لاحقاً".
وكان مجلس الشؤون العامة لدى الاتحاد الأوروبي قد أعلن يوم الخميس أن فرص انضمام تركيا للتكتل لا تبدو جيدة وأن "السياسات الخارجية التركية تتعارض مع مصالح الاتحاد" نتيجة ما سمّاه بـ"تراجعٍ الديمقراطية وقضايا حقوق الإنسان ودور القضاء"، بالإضافة لانتهاكاتٍ تركيّة لـ"الاتحاد الجمركي"، بحسب ما جاء في بيانٍ مكتوبٍ للمجلس.
وبدأت مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي في العام 2005، لكن لم تنجح أنقرة منذ ذلك الحين وإلى الآن في نيل عضوية الاتحاد الذي يعترض على تعاطي الحكومة التركية مع أزمة اللاجئين وتوتراتها مع دول الجوار.
ولدى أنقرة خلافاتٍ كبيرة مع دولٍ أعضاء في الاتحاد، أبرزها اليونان وتتعلق بالحدود البحرية بين كلا الدولتين. بالإضافة إلى قبرص نتيجة تدخلها عسكرياً في أزمة هذه الجزيرة قبل عقود.
كما أن الرئيس التركي اتهم الاتحاد الأوروبي عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة على حكمه منتصف العام 2016 بتأمين ملاذٍ آمنٍ لجماعاتٍ يعتبرها "إرهابية"، بينها حركة "الخدمة" التي يقودها فتح الله غولن وحزب "العمال الكردستاني" الذي تعتقل أنقرة زعيمه ومؤسسه عبدالله أوجلان منذ نحو 22 عاماً.
وفي أواخر أكتوبر الماضي كانت أنقرة على وشك أن تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع عدّة دولٍ أوروبية كان سفراؤها قد دعوا الحكومة التركية إلى الإفراج عن عثمان كافالا رجل الأعمال المعروف بأنشطته الخيرية والمسجون منذ أكثر من 4 سنوات. لكن الرئيس التركي تراجع لاحقاً عن طرد السفراء الغربيين بعدما هدد بذلك علناً.
from arab-and-world https://ift.tt/3J3QiHu
No comments:
Post a Comment